أعرف جيداً أن للعيد شكلاً آخراً غير الذي أحياه حالياً ؛ أو إن شئت دقة القول " الذي لا أحياه حالياً ".
شعرت من قبل في أعياد سابقة متفرقة بالحزن و بالضيق لحسرةٍ ناتجةٍ عن التقصير في اقتناص فرصة اقتباس أنوار المولى - عز و جل - المتجلية في رمضان ؛ و كنت موقن أن هذا احساس صحيّ لمن هم في مثل حالي ؛ و لكن مع امتداد ستار الغفلة كانت تتلاشي هذه الأحاسيس مع الذوبان في فرحة الأهل و الصحبة المحيطين بي .
لكنني الان أعيش لحظات مختلفة ما عشتها من قبل .. أشعر و كأنني الوحيد على ظهر هذا الكوكب .. أشعر و كأنني منبوذ , معتقل , منفيّ .. تحيطني وحدي أربعة جدران كئيبة المنظر في بقعة شبه مهجورة لا تخلتف عن جيرانها في اشتمال الإصفرار عليهم ؛ و تحتوينا جميعاً حركة زمنية وئيدة الخطى مثقلة .
أحاول - بلا جدوى - أن أتغلب على هذا كله بدفس رأسي في الوسادة طالباً نوماً عميقاً لا أصحو منه إلا بعد مرور يومي الأجازة .. حتى أنسى أن اليوم عيد ؛ و أنا بلا عيد .
ما عدت أريد محادثات هاتفية ولا رسائل معايدة و لا مزيداً من التهاني .. حتى أنسى أن اليوم عيد ؛ و أنا بلا عيد .
أعرف أني و بحركة حمقاء غير محسوبة أوجعتهم و أحزنتهم لمّا هاتفوني للإطمئنان عليً و تهنئتي ؛ أعرف أني غالبت الدموع حتى غلبتها حتى لا أسبب لهم مزيداً من الأسى .
للغربة أثمانٌ باهظة على المغترب دفعها راضياً كان أو مرغماً ؛ و ها أنا أدفعها واحداً تلو الآخر ....
حيناً راضياً و أحياناً مرغماً .