Friday 7 May 2010

،،، زوجتي الحبيبة رقية


زوجتي الحبيبة رقية ،،،
لن أداري عليكِ و لن أتجمّل في كلماتي كعادتي طوال الأيام السابقة ؛ فأبدو و كأنَّ شيئاً لم يكن , و كأنَّ تغييراً لم يطرأ على حياتي .
أنا زعلان منك يا رقية ؛ طالت غيبتكِ عند والدتكِ كثيراً ؛ لم أعتد منك هذا يا حبيبتي .
أعترف يا رقية أني مُقصر في حقكِ كثيراً منذ كثيرٍ ؛ أعترف أنني لم أعد هذا الذي اعتدتِ عليه في فترة خطبتنا و في سنوات زواجنا الأولى ؛ من لم تكن تفارق شفاه مفردات الرومانسية المنطوقة الساحرة ؛ من لم يكن يتوانى في ترجمتها إلى أفعال ملموسة آسرة ؛ تغيرتُ أنا يا رقية و مازلتِ أنتِ كما أنتِ : حانية , هادئة , صبورة , مخلصة .

مخلصتي رقية ،،،
أعلم أنكِ كنتِ تقدّرين طبيعة عملي الجافية التي تتطلب مني حزماً و شدة و صرامة في العمل حتى لا ينفلت زمام الأمور من تحت يدي فأضيع و أهلك .
لم تتذمري مرة واحدة من تكرار رجوعي إلى بيتنا عابساً غاضباً من رواسب العمل ؛ بل كنتِ تقابلينني بابتسامة حتى الآن لم أعرف كلمة سر اختراقها كياني كله لتسري فيه فكأنني طفلاً مفطوراً من البكاء , أتت أمه بلمسة واحدة فأزاحت كل ما به من هم و حزن و ألم و عناء . ابتسامتك جميلة يا رقية .
هل تذكرين - عندما رزقنا الله بطفلتنا - كم كان اصراري على تسميتها رقية ؟ هل تذكرين مبرري ؟ ؛ حينها قلت لكِ و لجميع أفراد عائلتينا أنني لن يحلو لي نطق اسم امرأة غير اسمك في بيتنا حتى و لو كانت ابنتنا .
اسمك فقط يُريحني يا رقية حين أنطقه متلازماً مع طيفك يا حبيبتي .
في غيابك , اتأمل صوركِ كثيراً . تغيرت أنا يا رقية و مازلت أنتِ كما أنتِ أميرة من أميرات الأساطير القديمة الساحرة : بجمالكِ بطيبتكِ بعذوبتكِ برقّتكِ حتى بلباقتكِ و حكمتكِ .
تعرفين يا رقية : لولا أنها كانت رغبتك في الذهاب وحدك لما تأخرت لحظة عن اللحاق بكِ . رغباتك عندي أوامر واجبة التنفيذ يا حبيبتي .
تعرفين يا رقية : لم أهنأ يوماً واحداً منذ ذهابك ؛ حتى بيتنا البهي المشرق الدافيء أصبح كئيباً مُملاً و خانقاً لي كثيراً ؛ علمت الآن فقط أنه كان يستمد بهائه و اشراقه و دفئه منكِ أنتِ يا حبيبتي .
تأتي رقية يومياً بعد انتهاء عملها للإطمئنان عليَّ و أحياناً لتحضّر لي الغداء . لم تتعلم من خبراتك المطبخية شيئاً يا رقية . أقول لها أمك كانت بأبسط الأشياء تصنع لي طعاماً شهياً لا يفارق مذاقه لساني لمدة ثلاثة أو أربعة ايام ؛ إنما أنت فتتفزلكين و تشترين أصنافاً و ألواناً لم أسمع بها من قبل و رغم ذلك أكلك ماسخ ليس له طعم .
في الايام التي لا تستطيع المجيء إليّ فيها تقوم بالإتصال بي تليفونياً ؛ فأطمئنها عليّ و اقول لها - كذباً - إن أمك تبعث إليكِ سلامات حارة ؛ فأسمعها تحاول كتمان بكائها الشديد .
شفتِ يا رقية , أصبحت أكذب منذ ذهبتِ و أنا لم أكن افعل .
شفتِ ايضاً , كلنا محزونون لذهابك ؛ فمتى تعودين يا حبيبتي ؟ اشتقنا إليكِ كثيراً .
تعرفين يا رقية : طوال الأيام السابقة لم أستطع ربط الكرافات بسهولة و حرفية و إحكام كما كنتِ تفعلين ؛ لم أستطع أن أنسّق هندام ملابسي كما كنتِ تفعلين ؛ لم أستمتع باستماعي - وحدي - لأغنيتنا المفضلة كما كنت افعل معكِ ؛ لم أعد أرغب في الجلوس - وحدي - و احتساء الشاي في شرفتنا ساعة العصاري كما اعتدنا أن نفعل سوياً ؛ حتى رباط الحذاء لم أتمكن من ربطه بشكل سليم .
رقية الآن تجلس بالخارج و معها بعض صديقاتها و بعض اقاربنا , يشغّلون قراءناً يا رقية , لعلها تريد طرد الجان أو الأرواح الشريرة التي قد تسكن بيتنا لما يبدو عليه من وحشة و خلو ؛ فأنا أحيا فيه بدونك كالميت , بلا روح .
تعرفين يا رقية أن اليوم هو عيد زواجنا الأربعين ؛ و أنا للمرة الأولى في حياتنا أقضيه بدونك ؛ و اليوم أيضاً أكون بخطابي هذا قد أتممتهم أربعين خطاباً منذ ذهبتِ . تسعة و ثلاثون منهم لم ياتي عليهم رد ؛ فو الله و الله و الله يا رقية إن لم تردّي على هذا أيضاً لتجدينني أمامك في بيت والدتكِ .. راكعاً أمامكِ , أُقبّل يديكِ لتسامحيني إن كنت أخطأت في حقكِ يا غاليتي .

زوجك المخلص
لا إله إلا الله
محمد .. رسول .. الله ه ه ه